نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

صورة

فوائد الصيام

 فوائد الصيام




فوائد الصيام

 

إن من حكمة الله سبحانه أنه لا يشرع شيئًا من العبادات إلا لمصلحة الإنسان، وإن هذا الدين الإسلامي دين مبني بعد إفراد الله بالعبادة على الحكمة العظيمة، والخير الكثير، فشرع الله تبارك وتعالى أحكام هذا الدين لفوائد مرجوة، ومقاصد جليلة، فإن لهذه الشريعة الإسلامية تكاليف سامية المقاصد، نبيلة الفوائد، بديعة الأسرار؛ نذكر شيئًا من فوائدها:

١- أن الصوم سبب في دخول الجنة.

وأن الله سبحانه أعد للصائمين بابًا في الجنة، لا يدخل منه أحد غيرهم، وأنه يشفع لأصحابه، وأن الله سبحانه أعد للصائمين أجرًا عظيمًا، كما سيأتي بعد جزاء الصائمين.

 

٢- أن الصيام يمنع أو يخفف المنكرات، ويعلم الالتزام بفعل الخيرات:

فالصائم يترك كليًّا أو وقت صيامه الدخان، والقات والشمة، فالصائم تراه قارئًا للقرآن، غاضًّا بصره عن الحرام، مؤديًا للصلاة في المسجد مع المسلمين، متقربًا لله تعالى بأنواع القربات، يتصدق ويحسن للفقراء والمساكين والمحتاجين؛ لأنه شعر بشيء مما هو واقع بهم وهو الجوع، متنفلًا لله بصلاة التراويح، والقيام؛ قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام، وقال جابر: إذا صمت، فليصُمْ سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودَعْ أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء"[1].

 

٣- في الصيام جملة من الفوائد الصحية:

فلأن الصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب، فعندما يمسك الإنسان فترة من الوقت عن الأكل والشرب، فإن الجهاز الهضمي يرتاح وقتًا لا بأس به، ويأخذ فترة للتخلص من الفضلات التي به، وكذلك يتخلص الجسم من السموم، والدهون الموجودة في الجسم، فالجسم البشري يتعرض لكثير من المواد الضارة والسموم التي قد تتراكم في أنسجته، وهذه السموم تأتي للجسم عبر الغذاء الذي يتناوله بكثرة، وتذكر بعض المراجع الطبية أن جميع الأطعمة تقريبًا في هذا الزمان تحتوي على كميات قليلة من المواد السامة، وهذه المواد تضاف إلى الطعام في أثناء إعداده، أو حفظه كالنكهات، والألوان، ومضادات الأكسدة، والمواد الحافظة، والإضافات الكيميائية للنبات أو الحيوان، هذا بالإضافة إلى السموم التي نستنشقها مع الهواء من عوادم السيارات، وغازات المصانع، وسموم الأدوية التي يتناولها الناس بغير ضابط، إلى غير ذلك من سموم الكائنات الدقيقة التي تقطن أجسامنا بأعداد تفوق الوصف والحصر، وأخيرًا مخلفات الاحتراق الداخلي للخلايا، والتي تسبح في الدم كغاز ثاني أكسيد الكربون، واليوريا، والكرياتين، والأمونيا، والكبريتات، وحمض اليوريك، ومخلفات الغذاء المهضوم، والغازات السامة التي تنتج من تخمره وتعفنه؛ مثل: الأندول، والسكاتول، والفينول[2].

 

وعلاج مرض البول السكري في مراحله الأولى، وخاصة عند السمنة يكون بالصيام والحمية عن المواد السكرية والنشوية، وعفونة الأمعاء، وتخمراتها يعالج بالصيام.

 

ومرض ضغط الدم يفيد فيه الصيام بالإقلال من الملح، والدسم الذي يحوي الكولسترول الذي يسبب تصلب الشرايين.

 

وعسر الهضم يعالج بالحمية، وبتنظيم وجبات الطعام، وعدم إدخال الطعام على الطعام، وهذا موجود في الصيام، وللاستفادة من الصيام ينبغي ألَّا يسرف الإنسان في الأكل في الفطور، أو السحور، وأن يتبع الحديث النبوي: ((ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيماتٌ يقمن صلبه، فإن كان ولا محالة فاعلًا فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه))[3]، وحتى يكون خفيفًا نشيطًا فيقدر على أعمال العبادة من صلوات التراويح إلى التهجد... إلخ[4].

 

٤- يعلم الناس الصبر:

الصبر بجميع أنواعه: صبر على طاعة الله تبارك وتعالى بترك الشهوات، الأكل والشرب والجماع وغيرها؛ طلبًا لمرضاة الرب عز وجل، والنفس كما هو معلوم تحب مثل هذه الأشياء، فيلزمها تركها، ويصبر على ذلك، وصبر عن معصية الله يلزم نفسه الإمساك عن جميع المفطرات؛ لأن ترك الإمساك معصية لرب الأرض والسماوات، وصبر على أقدار الله؛ فالله سبحانه قدر هذا الإمساك، وجعله عبادة من العبادات، فلابد من الرضا بما قدر، والعمل بما أراد سبحانه، فظهر بهذا أن الصوم يعد مدرسةً لتعليم الصبر.

 

٥- الصوم يعد مدرسة لتعليم النظام والالتزام بالمواعيد:

وذلك لأن الصيام لا بد له من تبييت النية من الليل، ثم الإمساك من طلوع الفجر إلى وقت الغروب، فلا يفطر الإنسان إلا وقت غروب الشمس.

 

٦- يعلم الصوم أهمية وحدة المسلمين واجتماعها:

وذلك أن المسلمين في جميع أنحاء المعمورة يجب عليهم صيام شهر واحد هو رمضان، وكلهم يمسكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، نظام دقيق من خالق حكيم سبحانه وتعالى.

 

وقد ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله فوائد متعددة للصيام؛ نذكرها مختصرة:

فمنها: كسر النفس؛ فإن الشبع، والري، ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة.

 

ومنها: تخلي القلب للفكر والذكر؛ فإن تناول هذه الشهوات قد يقسي القلب ويعميه، ويحول بين العبد وبين الذكر والفكر، وتستدعي الغفلة، وخلو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب، ويوجب رقته، ويزيل قسوته، ويخليه للذكر والفكر.

 

ومنها: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بإقداره له على ما منعه كثيرًا من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح؛ فإنه بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص، وحصول المشقة له بذلك يتذكر به من منع من ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك.

 

ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم؛ فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب[5].

 

وكل هذه الفوائد مصداقًا لقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184].

 

نسأل الله أن يوفقنا لإخلاص العمل لوجهه الكريم.



[1] لطائف المعارف ابن رجب، ص ١٥٥.

[2] انظر: رحلة الإيمان في جسم الإنسان، د. حامد محمد حامد، ١٩٩١.

[3] أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل، رقم ٢٣٨٠، وأحمد في المسند، رقم ١٧١٨٦، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم ٥٦٧٤.

[4] انظر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ٧ /٣٠٦.

[5] لطائف المعارف ابن رجب، ص ١٥٥.


تعليقات